ملاحظات على خطاب السيسي قرب الحدود الليبية

د. أسامة الأشقر

  1. كان الخطاب العلني للرئيس المصري السيسي بلباسه المدني مكتوباً بلغة عالية محترفة، تدل على أنه معدّ خصيصاً لهذه المناسبة ويحظى باهتمام سياديّ، وحرص أن يكون وسط استعراض عسكري بريّ كبير إضافة إلى الإشارة إلى البحر القريب .
  2. كثرت فيه الرسائل المباشرة الحاسمة والتي تتجه كلها إلى رفض امتداد سلطة الحكومة الليبية برئاسة السراج إلى المناطق الشرقية في ليبيا .
  3. لم يصرح الخطاب باسم العدو الخارجي الذي يساند ما سمّاه الميليشيات المتطرفة في ليبيا ، وكان واضحاً أنه يقصد تركيا وحلفاءها.
  4. لم يتحدث الخطاب عن وجود حلفاء لمصر في موقفها هذا إذا أرادت التصعيد وكأنها معركة التحدي للنظام المصري .
  5. لم يشر الخطاب إلى مسألة أمنٍ قوميّ مصرية حساسة تتعلق بمياه النيل وقضية سد النهضة ذات الخطر الاستراتيجي على مصر وفق التصنيف الأمني المصري، وكأنه يريد شدّ أنظار المصريين إلى جهة أخرى.
  6. المسار الذي ختم به الخطاب كان سياسياً يبحث عن ضرورة إيجاد مكان لمصر في ترتيبات الوضع الليبي القائم إذا تطور نحو بسط سيادة الحكومة الشرعية على مناطق الحدود مع مصر ، وأن مصر لا يمكن تجاوزها في هذه الترتيبات التي ستخضع للكثير من الاعتراضات على نوعية السيادة الليبية في الحدود.
  7. لم يتحدث الخطاب عن المجال الحيوي والاستراتيجي للجزائر في ليبيا ودورها في إدارة المشهد الليبي الحاليّ مما يعني أن هناك حاجزاً عالياً بين الطرفين.
    *8. لم يتحدث الخطاب عن أي تراجع في دعم قوات حفتر أو تغير في سيادة إسناده لكن الملف أن الجنرال حفتر لم يكن حاضراً مما يعني أن هناك خطوطاً أخرى يجري العمل عليها مثل الخط البحري بالتعاون مع اليونان أو الجنوب الليبي بالتعاون مع بعض الدول الحدودية وقبائلها. *
  8. تحدث الخطاب عن المرتزقة الأجانب الذين تستعين بهم الحكومة الليبية ولم يتحدث عن المرتزقة في الجانب الآخر الذي يسانده ويدعمه.
  9. كان لافتاً ظهور قبائل ليبية تعلن مساندتها لمصر مما يعني أنه سيستخدم الورقة القبلية الداخلية في المسألة الليبية.
  10. الملف الداخلي المصري المتشدد تجاه التيار الإسلامي وتصنيفه عدوّاً إرهابياً هو العامل المؤثر في الموقف الليبيّ حيث يعتقد صانع القرار المصري الحالي أن أي تغيير في ليبيا سيكون لصالح التيار الإسلامي الذي يمكن أن يتطور إلى صراع أمنيّ مسلح في الصحراء المشتركة وزيادة خطر تهريب السلاح، وهذا سيكون بالتالي خصماً على السياسة المصرية واستنزافاً لها.
  11. اتهم الخطاب تركيا – دون ذكر اسمها – بأنها تسعى لاستعادة أمجادها الإمبراطورية وأحلامها التوسعية، وهذا الاتهام يغطي الاتهام الحقيقي لها بأنها مساندة للتيارات الإسلامية التي فشلت الإدارة المصرية في ترويضها واستيعابها رغم تمكّنها من إضعافها.
  12. من الواضح أن التقدم الاستراتيجي التركي في ليبيا ومنطقة البحر المتوسط واقتراب بعض الأطراف العربية القوية في شمال إفريقيا من الموقف التركي ضرب ناقوس الخطر لدى النظام المصري الحاكم؛ وهو بهذا الخطاب يعلن العداء الاستراتيجي له.
  13. من المتوقع أن يرتفع نشاط تركيا في المنطقة بعد هذا الخطاب مما يعني أن المشهد سيكون أكثر تعقيداً وصعوبة في ظل انحسار الخيارات المصرية وضيق مجال المناورة الاستراتيجية التي ستتجه صوب العمليات الأمنية الخاصة غالباً داخل الأراضي الليبية ومضايقة الحكومة ليبيا في كل المنابر الإقليمية والدولية.
  14. من المتوقع أن يرتفع الطلب على السوق السودانية في مجال السياسة نظراً لدوره مع أطراف الصراع الكبار والصغار وخبرته في هذا المجال، لكن ظروف السودان قد تمنعه من ممارسة دور فعال في هذا الإطار .
  • د. أسامة الأشقر*

Related posts